لماذا تتفشى الإنفلونزا بقوة هذا العام؟ كشف النقاب عن طفرات H3N2 وتأثيرها الحاسم على فعالية اللقاح
موسم 2025-2026 يشهد ارتفاعًا غير مسبوق في شراسة الإنفلونزا، فما الأسباب العلمية وراء ذلك، وهل يظل اللقاح خط الدفاع الأول؟
تشهد موجة الإنفلونزا الحالية انتشاراً غير مسبوق، خصوصاً من سلالةInfluenza A التي خضعت لعدة طفرات جعلتها أكثر قدرة على الانتشار وإرباك جهاز المناعة. الطفرات ليست حدثاً غامضاً ولا نتيجة “مؤامرة بيئية”، بل هي جزء طبيعي من طبيعة الفيروس: تكاثر سريع، أخطاء نسخ كثيرة، وقدرته على الانتقال بين البشر والحيوانات. ثلاث أسئلة تُطرح في هذا المقال:
- لماذا تظهر الطفرات الجينية بهذا الشكل المُستمر والشرس؟
- هل ما زال اللقاح الحيوي .... حيوي؟
- لماذا هذا الموسم هو الأسواء منذ كوفيد 19؟
أصل الشراسة: فهم طفرات Influenza A/H3N2
شهد موسم الإنفلونزا 2025-2026 ارتفاعًا ملحوظًا في شراسة المرض، ويعود هذا التغير بشكل أساسي إلى ظهور طفرات جينية جديدة وغير مسبوقة في سلالة Influenza A/H3N2، وهي السلالة المسيطرة هذا العام. هذه الطفرات جعلت الفيروس أكثر عدوانية وقدرة على التسبب في أعراض أشد ومضاعفات أخطر، لا سيما بين الفئات الأكثر عرضة للخطر مثل كبار السن والأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
التحولات الجينية الرئيسية
تتركز الطفرات الأكثر تأثيرًا في بروتين الهيماجلوتينين (HA)، وهو بروتين رئيسي موجود على السطح الخارجي للفيروس ويلعب دورًا حاسمًا في قدرة الفيروس على الارتباط بالخلايا البشرية واختراقها. وقد رُصدت تقارير تشير إلى حدوث ما يصل إلى سبع طفرات في هذا الجين. هذه التغييرات في تركيبة HA لها تداعيات كبيرة:
- التهرب المناعي المتزايد
تؤدي الطفرات في بروتين الهيماجلوتينين إلى تغيير في "شكل" سطح الفيروس. هذا التغيير يجعل من الصعب على الجهاز المناعي البشري التعرف على الفيروس ومهاجمته بفعالية، حتى لدى الأفراد الذين اكتسبوا مناعة سابقة من إصابات سابقة أو تلقوا لقاح الإنفلونزا في مواسم سابقة. بمعنى آخر، يصبح الفيروس قادرًا على "التخفي" من الدفاعات المناعية، مما يتيح له الانتشار والتكاثر بسهولة أكبر.
- زيادة الضراوة وانتشار أوسع
تساهم الطفرات في تعزيز قدرة الفيروس على الارتباط بالخلايا التنفسية، مما يزيد من سرعة انتشاره وكفاءته في الانتقال بين الأفراد عبر الرذاذ التنفسي. وقد أدت هذه التغيرات إلى انتشار مبكر وواسع النطاق لسلالة H3N2 المتحورة في مناطق متعددة حول العالم.
- أعراض أشد ومضاعفات أكثر
تُظهر التقارير أن هذه السلالة المتحورة تسبب أعراضًا أكثر حدة، بما في ذلك حمى مرتفعة مفاجئة، وآلام جسم قوية ومستمرة، وإرهاق طويل الأمد، وسعال جاف، والتهاب في الحلق. هذه الأعراض الأشد تزيد من معدلات الاستشفاء والمضاعفات الخطيرة، مثل الالتهاب الرئوي، خصوصًا بين كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
صورة توضيحية لنموذج فيروس الإنفلونزا، توضح البروتينات السطحية مثل الهيماجلوتينين (HA) التي تتعرض للطفرات.
ما هي أبرز الأسباب التي أدت لهذه الطفرات؟
قد تكون هناك أسباب تتعلق بالطفرات السابقة المتراكمة، أو بآلية النسخ بالفيروس RNA سريع الأخطاء، ولكن ما هو أبرز ولا شك فيه بالمُطلق هو التواصل "المُفرط" ما بين الإنسان والحيوان، الذي يخلق بيئة خصبة لهذه الطفرات الشرسة. نؤكد دوما أن اختلاف البيئة ما بين الإنسان والحيوانات اختلاف جوهري فلا يستطيع الإنسان أن يعيش في بيئة الحيوانات ولا تسطيع أيضا الحيوانات أن تعيش في بيئة الإنسان رغم كل المُغريات التي يُقدمها الإنسان من طعام وشراب ورفاهية قد يكون محروم منها بعض البشر، إلا أنها تبقى بيئة خصبة للأمراض المناعية والأمراض الفيروسية على حد سواء.
هل اللقاح ضروري حقًا في ظل هذه التحديات؟
يُقال أن تلقي اللقاح لا يحمي الفرد فقط، بل يساهم أيضًا في حماية المجتمع ككل، ولكن بالرغم من هذا لا توجد إجابة قاطعة بنعم لللُقاح، والسبب ليس لأننا ضد أو مع اللُقاح، ولكن لأننا ضد أن نغفل على ما هو أهم بكثير من اللُقاح وهو البحث عن الأسباب الحقيقية وراء ضعف الجهاز المناعي لكل منا وما هي الأسباب الخفية وراء ذلك، أن نغفل عن نظامنا الغذائي السيئ فهل يُصلح اللُقاح ما أفسده الموروث السيئ من استهلاك مُفرط للمخبوزات والحلويات والمقالي والوجبات السريعة؟؟ هل يُصلح اللُقاح ما أفسده تربية الحيوانات "الأليفة" في منازلنا؟؟ هل يُصلح اللُقاح ما أفسده القلق والتوتر ووضع الأمور في غير نصابها الحقيقي؟؟ هل يُصلح اللُقاح ما أفسدته لُقاحات كوفيد -19 والتي اعترف بها المُصنعون ذات أنفسهم؟؟
كثيرة جدا هي التساؤلات التي تحتاج إلى إجابة قبل أن نقول نعم لُقاح الانفلونزا مُجدي أمام هذه الطفرات الشرسة، وأنه سيكون "حماية" للفرد والمُجتمع، ولعل أكبر دليل على ذلك هو عدم السيطرة على هذا التفشي.
كيف نُخفف العبء على الأنظمة الصحية
بالوعي ... كلمة واحدة تُنقذ البشرية بأسرها
الوعي بأن بيئتنا لا تصلح بأن نُربي الحيوانات في منازلنا ولا حدائقنا
الوعي بأن الخبز الأبيض هو طريق المرض وليس طريق الشبع
الوعي بأن السكر هو بوابة الأمراض
الوعي بأن الوجبات السريعة هي الأسرع للمرض فقط
الوعي بأن ليس كل ما هو مُتاح على أرفف محلات البقالة هو آمن صحيا
الوعي بأن الطعام العضوي هو ما تعرفه وتراه بالطبيعة وليس مجرد كلمة على مُلصق.
الوعي بأن نقرأ قبل أن نشتري هل هناك دهون متحولة وهل هناك سُكر مُضاف؟
الوعي بأن سوء الاستخدام والإفراط في الأدوية يُفقد جدواها
الوعي بأن المُكملات الغذائية هي جزء لا يتجزأ من العالم الدوائي وأيضا سوء الاستخدام والإفراط بها يُفقد جدواها.
الوعي بأن التغذية هي ملاذنا الآمن وهي اللُقاح الحقيقي والأوحد لصحة أفضل للفرد والمُجتمع
لهذا يجب أن نُفكر بوعي ونأكل بوعي ونصوم بوعي ونفطر بوعي ونتمتع بما لذ وطاب بوعي، حينها هل ستكون هناك طفرات شرسة للفيروسات؟؟؟
من منظور الطب الوظيفي، الوقاية الفعالة تبدأ من تقوية بنية المناعة: المعادن الأساسية (الزنك، السيلينيوم، المغنيسيوم)، ثم الفيتامينات D، C، A، وصحة الميكروبيوم، والنوم الجيد، وترطيب الجسم والهواء. الوصفات الداعمة مثل عصير البقدونس الطازج مع الليمون، شاي اليانسون النجمي، منقوع الزنجبيل، والكركم مع الفلفل الأسود تلعب دوراً هاما في المحافظة على المناعة بجانب تغذية وظيفية صحيحة.
الفيروس يتغيّر لأنه مصمَّم ليتغيّر، ومراحل عُمرنا تتغير حاجتها للعناصر التغذوية لأنها مُصممة لتتغير، فإذا تم التغيير كانت المُقاومة وإن لم يتم التغيير كانت الإصابة ... ولن يُصلح اللُقاح ما أفسده الدهرُ.